ان الايمان بالإله ينطوي بشكل صريح على الاعتقاد بمركزية حاكمة لهذا الكون تسيره , لها رسالة و رسول و لها اتباع.
المركزيات المتتابعة.
يمكن لشخص يؤمن بمركزية الاله ان يتبع ايمانه هذا بمركزيات اخرى كمثلا مركزية الدين ومن ثم مركزية الرسول و ماقد يتبعها من توحيه للاتباع من افكار - و ان بدأت خاطئة فإنها تظل تنطوي على مركزية - كالخلافة في الاسلام او البابوية في المسيحية.
و على الرغم من ان السلطة الكنسية ليست من اصول المسيحية وكذا ليست الخلافة بشكلها العضود من اصول الاسلام , فتبقى سلطة الخلافة وكذا سلطة الكنيسة افكار مركزية تتسق مع مركزية تصور نشأة الكون عن طريق الاله الذي خلقه وله رسالة ورسول و اتباع.
التثليث و المركزية
وحتى فكرة التثليث في المسيحية و ان بدت للعديد من المسلمين مثلا بعيدة عن التوحيد ومن ثم بعيدة عن المركزية او تعارضها , فإن التثليث ينطوي على مركزية الاله الحاكم لهذا الكون والذي و ان كان في ذاته مركز و اصل فهو في صورته واحد او اثنين او ثلاثة , ولكنه يبقى مركز.
و على ذلك فقد وضعنا المسيحية و الاسلام -وفي ذلك باقي اديان النشئة- على خط واحد من حيث الاعتقاد المركزي.
و على ذلك فإن نقض الاله ينطوي على نقض فكرة وجود مركزية تحكم هذا الكون و بالتالي يجب ان يتبعه تفكيك باقي المركزيات التابعة لها كالدين مثلا و الاخلاق بل يمتد الامر الى نقض فكرة الإتباع (الاله و الرسالة و الرسول و الاتباع)
ومن ذلك نقول ان توصل شخص ما لنقض فكرة الاله الذي يحكم الكون فإنه بالتبعية ينقض فكرة التصور الواحد لنشئة الكون وله رسالة-دين- وله رسول وله اتباع و عباد.
وعليه فإن المتأمل في امر الكون ومدى حقيقة وجود اله مركز مسير له - تأملا نابعا من دواخله دون مؤثرات بشرية او ح فكري بشكل او آخر- امام امرين :
- ام ان يصل الى فكرة مركزية تحكم هذا الكون , وبالتالي فهي فكرة لها رسالتها و رسلها واتباعها , (و بالمناسبة حال وصوله لها او وصولها اليه يصبح من رسلها )
- او ان يصل الى ان لا مركز يدور حوله الكون ومن ثم فهذه الوجهة تنطوي على نقض للمركزية بما فيها من رسالة ورسول و اتباع.
و على ذلك فإن ما يبلغه من نقض المركزية يجب ان يتبعه -بالاتساق- نقض ان هذه رسالة و من ثم نقض مسئولية توصيل هذه الرسالة و بالتالي نقض وجود اتباع لها.
فمثلا , ان كتابة شخص ما عن يقينه بأن لا مركزية ولا اله يحكم الكون ويسيره و من ثم فلا وجود لرسالته ولا وحق لرسوله و اتباعه , ان الكتابة عن هذه الرؤية تحول صاحبها لإله ومركز و كتابته نفسها تتحول الى رسالة هو نفسه الهها ورسولها و كذلك حرصه على التبشير بها و من ثم وجود اتباع لها .
وعليه فإن منطقي و متسق جدا هو سعي اولئك المؤمنين بالاله للتبشير برسالتهم اذ ان التبشير بالاله من صميم مركزية وجود هذا الاله , في حين ان محاولة شخص بلا مركزية ان يجعل من اللامركزية مركزية في ذاتها هي محاولات غير متسقة بالمرة مع نقضه لمركزية تسيير الكون.
٢١-٥-٢٠١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق