الخميس، 25 يونيو 2015

قصة جملة عن العلامات


ذات يوم قلت -وكثيرا ما اقول- اني شخص يؤمن بالعلامات ولكن بالمقلوب, اذ لا الاحظ العلامات سوى بعد ان يقع الامر فأتذكر بعدها ان علامة اتتني ان افعل, الا افعل, ان اقول , الا اقول كذا  .... إلخ

يومها اعجبت كلماتي هذه الكثيرين بل ان منهم من امّن عليها و عدّها من تجاربه. حينها ادركت اني لست وحيدًا في هذا التعامل العبثي مع العلامات.

احاول طرد السرد. مممم, فلنقص ذلك الجزء الذي يحكي عن بدايتي مع العلامات.
تم القص. (بمعنى الازالة لا بمعنى الحكي)
فهذه المرة الحكي من نوع اخر, فسوف احكي قصة جملة كيف اختيرت الفاظها وتراكبت.
-----
احيانا تظهر امام المرء اشارة نحو فعل امر ما او الاحجام عن فعل امر اخر , اصطلح على تسمية هذا الامر بالعلامة.
اذًا : العلامة
-
يعتقد الكثيرين- وانا منهم- ان ثمة من مرسل لتلك العلامات.و يعتقد الكثيرين -ولست منهم- ان احدا غير الله يهتم بإرسالها. و اعتقد - ولا اعلم من معي في اعتقادي- أن النقاش حول مرسل العلامة يستهلك الكثير من امرها بل ويشغل عن ادراك فحواها.
اذًا : العلامة رسالة.
-
لا دليل مادي على وجودها. وهذا ليس انحيازي الجديد للقلب على حساب العقل, انما ادراكٌ لأن العلامات ليست من شأن العقل في شيء, فله كل الاحترام و التقدير, ولكن هنا ليس له من الامر شيء.
اذا , العلامة رسالة للقلب.
-
هل تُفهم العلامات ام تدرك ام تُرى ؟ لا انشغل بهيئتها بقدر اصراري على اثبات انها حسية.
اقول ان العلامة تبدو -بأي وسيلة ادراكية- ومهما كانت واضحة جلية, فلا يزكي اتباعها سوى حدس في القلب يحرك حِسه نحو تلك العلامة.
اقول ان العلامة لا تُفهم لأنها ليست منطقًا بل حِسًا.  و ان محاولات العقل للتدخل في كل شيء و التطفل على كل شعور يجب ان تتوقف. تتوقف امام العلامات و تتوقف للأبد. يجب ان ينتهي هذا التطفل.

اذا العلامة رسالة للقلب , لا شأن العقل في فهمها.
-
اعتذر للعقل عن سوء الفهم هذا واخبره اني ما قصدت -لا سامح الله- انه عاجز كليا او احيانا عن ادراك الكثير من الامور.
اكرر اعتذاري مضيفًا : لا تجهد نفسك في الحكم على ما لا تملك معاييره.
لتصبح عبارتي : العلامة رسالة للقلب , لا تجهد العقل -عبثًا- في فهمها.
----
تحدث ماركيز عن " الشيطان الصغير الذي يهمس في الاذن بالإجابات المفحمة التي لم ترد الى ذهني في الوقت المناسب"  و تحدثت قبلا عن الفرص التي ستطاردني يوم القيامة. و اضيف اليوم عهدا على هذا المنوال بألا اخالف علامة و الا احكم عقلي في امرها و الا احجم الاقدام عليها , فالجميع يعرف من قراءة سطر ماركيز عن الردود المفحمة وما يليه من سطري عن الفرص, ان العلامات التي خذلتها تلاحقني. اقول خذلتها و اقصد خذلان الانصياع للعقل في امر قلبي , او حذلان عدم ملاحظتها. (اقول ان ملاحظة العلامات  الاهتمام يدخل في تأويل عبارة الرافعي عن ان" الحُسن يتلمس النظرة الحية التي تعطيه معناه" فالعلامة رسالة تتلمس مستقبلها "

لا اعلم كيف سمحت لعقلي بالتحكم في تتبعي لعلامة الأمس من عدمه. لكني رأيتها تنتقم مني بعنف على عدم اتباعها. و لأني شخص قلبي فلم يبالي عقلي بذلك الانتقام او ربما لم تبالي العلامة ومرسلها بعقلي لأنه ما اتبع الرفض من عقاب كان موجها لمن رفض انفاذ رسالة خاصة به وسمح لغيره بالتحكم فيها وتأويلها وهو يعلم انه لا يملك معايير ولا سبل تأويلها.
اقول : و ان اخطأ عقلي, فإن العلامة ومرسلها انتقما من قلبي.

كانت العلامة تقول : اتبع قلبك مهما تعثرت كبيرة كانت عثرتك او بسيطة.

وفهمها عقلي: لا تتبع قلبك فقد تعثرت.

و كان القرار : لن اتبعه هذه المرة

وكانت النتيجة : تأخر القلب عن فروضه فملأ عقلها الساحات.

وحسبنا الله ونعم الوكيل في العقول المتطفلة و القلوب المُنقادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق