يسعى الحاج حسن بكل قوته وقدراته وعلاقاته أن يحصل إبنه إبراهيم على إدارة الأوقاف و إمامة الصلاة و خطبة الجمعة و القضاء العُرفي وكل ما يمت بصِلة للمكانة الدينية العليا في القرية .ربما يصبح أيضًا مأذون القرية و نواحيها , لما لا ؟!
يجمع الحاج حسن الأموال الطائلة منذ بداية تجارته في الأخشاب إلى توسعه في إستيرادها من الخارج ..
يقرر الحاج حسن إبتعاث إبنه إبراهيم للدراسة في الأزهر للحصول على الإجازة اللازمة ..
يسافر إبراهيم ويعود بعد سنوات الدراسة للإستقرار في القرية ليصبح إمامًا لمسجدها الجديد الذي أرسل والده في طلب الأخشاب اللازمة لبناءه خصيصًا من لبنان .. لا يدري أهل القرية إن كانت تلك الواقعة حقيقية أم أنها مبالغة من الحاج حسن الذي أذاع في القرية أن محمد علي شخصيًا هو من أقام إبنه على أمور أهل القرية الدينية .
يتزوج إبراهيم الإبن الأثير للحاج حسن , ورغم أن شقيقه عليّ هو من أنجب الولد بخلاف إبراهيم الذي أنجب عائشة فقط , إلا أن إبراهيم يظل الأثير. ربما لأنه يحمل إسم جده وحلم جده الذي لم يتحقق بأن يصبح حسن شيخًا مُعمّمًا.
بعد أن إتجهت جنازته إلى المقابر العامة إذا بالنعش يُثقل عند مرور حامليه أمام المسجد , يحاولون الإستمرار لكن يظل النعش أثقل ما يكون , فيذكرهم أحدهم بالوصية , فيُدفن إبراهيم على وصيته في المسجد.
تمر مائتي عام , و تكتظ القرية وتتعقد و تمتزج فيها الحضارة بالحياة البسيطة فتصبح أشبه بالمسخ العشوائي وتصبح "مدينة" , يتغير كل شيء , حتى اسم الجامع , حتى القصص التي تدور عنه , ويظهر للجامع شيخ مبارك دفن فيه قبل كذا وكانت له كرامات كذا وكذا , يقرر الأهالي الممسوخين أن يهدموا المسجد " القديم " رغبتةً في تجديده , ويشاع في المدينة أن أحدهم سرق من مال المسجد و أن المسجد الذي يُسرق منه يجب هدمه و إعادة بناءه ( تكررت القصة أربع مرات برر الأهالي بها هدم أربعة مساجد )
, يتماشي الامر مع متشددي المدينة , فأهلا بأي هدم لضربح او مسجد تدور حول اسطورة بركة و تبارك . يهدم المسجد , يمسخ تصميمه و يبني بناءا ضخما جديدا , لكنهم ظلوا يرددون انه احد اقدم مساجد المدينة. احد اجدد مسوخ المدينة.
سليلة الحاج حسن , تمر جنازة الأخت الرقيقة و الإبنة الأثيرة من أمام المسجد -وكان قد تم تجديده- .. ليخبرني أحدهم بعدها أن حدث كذا وكذا , ولكنهم واصلوا الطريق نحو المقابر.
يبدو أنها رغم كونها من نسل عليّ إلا أن لها صلة بإبراهيم , صلة تصل روحه بروحها كما وُصلت بروح عائشة الأولى و الأخيرة.