كنت سأقول :
اسعدتني فكرة ان اسجل ما يجول في خاطري في وقته وحينه, ليس لأنها فكرة مميزة في ذاتها وحسب بل لأنها من بين ما تلاقينا عليها من افكار. فتدفعني هذه الفكرة لأبدأ الآن في التدوين على الرغم من الظلام المخيم على الغرفة -اقصد الحجرة- ظلام سأكتب فيه الآن لأرى في ظلمته ما يدور بخاطري وانظر في عتمته لما يدور داخلي. لكن اصرار احدهم على تشغيل انارة الحجرة حول مقدمتي هذه الى شكلها الذي ذًكر اعلاه : بداية لم تبدأ.
-
اقول اني تعلمت منها -وللعجب- كيف اعتز بنفسي واعتز بما اكتب بل وتعلمت حرفيا الا اذيل او استقدم حديثي بكلام يحط من قدره مثل قول الناس هذه الايام قبل البدء في كلامهم " كلام.مالوش لزمة, كلام مش مهم, الخ"
العجب هنا يختفي عندما ادرك اني تعلمت منها ذلك عن طريق اسلوب الرسائل الخفية وما بين السطور, فضلا عن تصريحها الحاد بألا افعل ذلك. بالاضافة الى حزني لاستقلالها لنفسها بالذات ما ذيلت به مؤخرا احد نصوصها, يبدو اني تعلمت منها الاعتزاز بكتابتي و هي تعلمت مني العكس..
احمد الله اني اخيرا وجدت اجابة على سؤال من العالقين بيننا. لنتخيل :
- لا تستقلي بنفسك فأنا اتعلم منك كيف اعتز بنفسي
- انا؟! هاهاهاهاه .. كيف ذلك؟!
- نعم انتِ. تعلمت حين اخبرتيني الا احط من قدر ما اكتب حتى وان كان غزلا فيكِ بعد اتفاق بأن انوقف عن الغزل
اخيرا وجدت اجابة تخلو من "هكذا وفقط لانك انتِ ". (والحق اني ارغب في اعادة ضمها للاجابة)
-
كتبت يوما ان شعوري فيها تخطى عديد من تعبيرات ومشاعر الشعراء و العاشقين حتى باتت اشعارهم محض كلام اجوف بالمقارنة بما احسه و ادركه من حبي لها. ¹
و اليوم يمتد لي الامر لأقول ان استاذي الحلاج لم يكن موفقا بالقدر الكافي "او المبهر كفاية" في التعبير عن حبي لها في قوله :
والله ما طلعت شمس ولا غربت * الا وحبك مقرون بأنفاسي
ولا خلوت الى نفس احدثهم * الا و انت حديثي بين جلاسي
ولا هممت بشرب الماء من عطش * الا رأيت خيالا منك في الكاسِ
ففضلا عن كونه -مقارنة بعشقي- كلام عادي يعبر عن قصة عادية بل وحقائق عشقية بديهية لا يخلو ادراك اي عاشق منها, فهي كغيرها لم تصل ما وصلني ووصلته.
و بشأن ما قبل الفصلة السابقة فإني اقول فيه :
١- ان من الحقائق بل ومن البديهي ان تشرق كل شمس على المحب بذكر محبوبه ولم يغير تعاقبها من امره في يومه السابق شيء تماما كما لا يغيره تعاقب الانفاس على صدره.
لكنني سأبقي على هذا البيت لأنه حقيقة وهي تحب الحقائق.
٢- اقول ايضا ان من المعتاد بل و الشائع ان يجالس المحب الناس حاكيا او شاكيا او متأوها او ملقيا شعر او قارئا نثر (وكل ذلك يدور حول محبوبه وذكره). وهو امر غريب قليلا عن الطبيعة الصوفية للحلاج التي من بينها كتم الاسرار و عدم الافضاء بها للعوام.
ومن ذلك فإن البيت الثاني يصبح عاديا وشائعا.
٣- اما حديثنا السابق عن قول صديقنا ان "الحب هو النموذج المعرفي الذي ينظر به المحب الى جميع الاشياء من حوله " وكذلك ذكر جدي انه "في كل ما يحيط بي" ² , فإن هذا الحديث يبرر قليلا قوله في البيت الثالث " ولا هممت بشرب الماء من عطش الا رأيت خيالا منك في الكاس"
لكنه رغم ذلك لا يخرجه من كونه عاديًا.. لنرى :
الغريب ان الزمز الذي لم يفارق الحلاج يومًا في كتاباته غاب بما يكفي -ولأني عليم به فلا اقول حضر بما لا يكفي- اذ اجد "العطش, الماء, الكأس" خالية من الرمز للمحبوب, بل انها قد ترمز للوصل كما اعتدنا من وصف الاقطاب له.
و اني لأستقل على الحلاج ان تفوته كلمة بدون رمز وكذلك استقل ان تكون كلمته -وهو صاحب الرمز- ذات رمز واحد فقط!
كان يمكن ان اقول "كل ما فات من سطور كان فقط بهدف الوصول لما يلي"
لكنها علمتني الا استقل بما اقول, ربما كانت تقصد رسالة خفية " لا تكن اولهم, بالمبخثون الناس اشياءهم كثيرون هذه الايام"
أقول أن :
والله ما طلعت شمس ولا غربت * الا وحبك مقرون بأنفاسي
ولا خلوت الى قوم احدثهم * الا و انت حديثي بين جلاسي
ولا هممت بشرب الماء من عطش * الا رأيت خيالا منك في الكاس
اقول انها ابيات جميلة وصادقة من شاعر وعاشق جميل وصادق, لكنها لا تعبر عما وصلته. اعترف انها عبرت عني في مرحلة سابقة من حبها.
لكن ربما يعبر عني قولي :
والله ما طلعت شمس ولا غربت الا وحبك مقرون بأنفاسي
ولا خلوت الى قوم او الى نفسي الا و انت حديثي وجلاسي
ولا هممت بشرب الماء من عطش الا و انت الماء و الكاس
-
١- تدوينة الجاهل بأمر العشق
٢- ندوينة عقدة جدي
----
طريق الواحات
فجر ١٣ يوليو ٢٠١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق