الأربعاء، 1 يوليو 2015

نوبة

ربما تكون "تذكرت" هي الكلمة الافضل في التعبير ولكنها ليست كذلك. ف"أدركت" هي ما تعبر عن شعور قلبي وفعل عقلي , اذا فهي الافضل.

تنتابني لحظة ادراك لحبي لها فأبدأ في التحول رويدًا رويدًا لشخص أُحبه... يتدفأ قلبي. اغتسل و اتطهر. انظف جسمي كله. اهندم مظهري الذي لن يراه احد. اشد حزامي لأشعر بنفسي. اهذب شعري. انظر في المرآة فأراني بشكل المستطيل - وهذا ليس لأني مستطيل بالفعل, بل لأن ليس ثمة رجل بهيئة المُثلث, ولأني اعشق المثلثات فأقول اني رأيتني في ثاني هيئة هندسية احبها: المستطيل -.
يشتاق لعابي لحلوى الطفولة فأبتعد عن الملح الذي احبه ¹ الى الزبيب فأنقض عليه بنهم لا يخلو من ذوق الامراء. اقوم بكل ذلك بينما اسير ببطء وهدوء بل و خفر.
اتصالح مع شرب النسكافيه في "برطمان" بدل من كوبي الشخصي الذي امنحه رضًا لمن تشاجرت معه بالأمس. لا اجد ما يمنع عن مصافحته ومصالحته. انوي فأفعل.

اتصالح مع الصراصير و الحشرات اذ اراها تنهش في خضراوات المطبخ. اقول لها هذا رزقك فلا ضير.
ارى دود قبري ينهش في جثتي فأقول له لا ضير فهذا عملك ولا احب ان اكون عثرة في سبيل دورة الطبيعة. او رغبة الخالق.

استمع لموسيقى هجرتها من فرط حبي لها ادخارا لها لمثل هذه النوبات.
اتصالح كذلك مع قصيدة لطالما سخرت من لغتها الركيكة وتعبيراتها المبالغ فيها.

اسير هامسا بهذه السطور قبل كتابتها, اتلوها بهدوء لا يقل عن هدوء صياغتها وهدوء قراءتها الآن.

امسك بمسبحتي, احتضنها كما اعتدت في لحظات الشوق, ادعو الله كأني لم ادعوه من قبل. وكما كل فعل في نوبة العشق, لا اصلي بهدوء وتأني كما اصلي بعد طهارتي لها.

انظر للبدر متأملا ومتعجبًا من عدم رؤيتي لاثار انشقاقه, متيقنًا من اني لن ادرك انشقاق القمر من عدمه الا بالمضي قدمًا في حبها.

اخبرتني يومًا ان حبي لها غريب ولكنه ليس مثير, واقول ان حبي لها بثيرني ويشوقني نحو المعارف الجديدة. فأقول انه يعلمني مالا اعلمه عن نفسي بل انه يشوقني لمعرفة الجديد و المثير عما سأصل له في حبها. ففضلًا عن كونه مرجلي نحو معارف جديدة من علوم البشر, ربما اذا مضيت بهذه الوتيرة في حبها فسوف اتبين انشقاق القمر او ربما اعرف بأي ارضٍ سأموت وبأي أرض سوف ابعث حيًا.²

ادرك انها ستضلني ان اهتديت بها, لكني اقول ان الضلال في اثرها منتهى الهدي. يقول الله تعالى اننا لن نهدي من احببنا , ولأني لا احب نفسي الا في صحبتها ارى ان نفسي لن تكف عن الاهتداء بضلالها.

اتعجب, لم ارى ايمان منذ عشرات الايام. لم يثلجني الوصل منذ مدة . بل نحيا في جفاء منذ اسابيع.لم اعلم من اخبارها منذ ايام كثيرة. كل هذه معطيات منطقية لإتقاد الشوق في اضلعي, لكنها رغم ذلك لا تمت لما اشعر به الآن من نوبة عشق.
احُب النظر تشفيًا الى المنطق وهو عاجزا عن تفسير الكثير من ملامح حبي لها.

اتعجب ايضًا من نوبة عشق اذا اصابتني في يوم نلتقي , في صحبتها. ياه! اي نشوة ستكون هذه؟ اي سعادة ستكون؟ اي معرفة ستنيرني؟ اي لحظة ستغمرني؟!

احاول الحفاظ على طهارتي قدر الامكان لأواصل الكتابة عن نشوتي بنوبتي او اواصل انتشائي بالكتابة.

افكر في الاشارة الى اني لم اكتب عنها يومًا الا بعد وضوء وركعتين. ولكني استبعد هذه الاشارة.

انا مدمن للإحساس بخطر السقوط, أحب السير على السلك كما لاعب السيرك, لذلك يروقني حبي لها اذ اسير منتشيًا فيه على صراط بين اخلاصي لله و اخلاصي لها. فالسير بين جاذبين يدفعني دومًا للأمام.

اشعر برغبة في الكتابة حتى موعدي المقدس وتوقيتي الذي تتماثل فيه الساعة الغربية مع دقائقها. او ربما للكتابة لمدة اطول تشعرني بالارتياح اكثر. ولكني سأتوقف الآن. لأن النوبة انصرفت وصرف معها الشغف و النشوة.

سلامٌ على الحلوة اللي ما بتخلصش.

---
١- قد لا يُصدق اني اعتبر الملح من حلويات الطفولة فلازلت على اكل الملح -صافيا- حتى منعني عنه المرض.

٢-  محمود درويش - لديني - بتصرف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق