السلام عليكم، انا لا احب المنافسة.
في عصر السرعة يتنافس الجميع على الوصول إلى مبتغى ما، اذا وصلته تحجز حصتك منه وتحجبها عن غيرك. يشعرك ذلك بحثاثة ووجوب السعي بأسرع ما يمكن واقوى ما يمكن واحيانا بأقذر ما يمكن حتى تنال قبل غيرك حصة من المتنافس عليه ويتوازى ذلك مع شعور كئيب ضيق بأنك تفقد اشياء (تسميها تضحيات) في سبيل الوصول، وتفتقد شيئا (لا تستطيع تسميته) عند الوصول. ذلك لأنك ببساطة تسعى في طريق لا وصول له ولا منتهى.
كل حاجة في حياتي بتحصل بسرعة وكل حاجة بعملها في حياتي بعملها بسرعة، كرد فعل للساقية اللي بيدور فيها الإنسان المعاصر.
لا ذنب لنا في كل ذلك، لا ذنب لنا في وجودنا في وسط هذه المعمعة ولكن هي مسئوليتنا وحدنا التعامل مع هذا الوضع القائم.
لا ذنب لنا في السرعة ولكن مسئوليتنا ابطاءها
لا احب المنافسة لأن كل منافسة تجلب معها باقة من الضيق والتسرع واللهوجة والتوتر، وهذا طبيعي جدا مقارنة بتلك الكعكة التي تنقص كلما وصل أحدهم قبلك. تشعرني كل المنافسات بذلك، لأني اجري عكس عقارب الساعة، بأن الوقت قد فات، ولا يتوقف عن الفوات. هو عادي ومفهوم ولكني لا احبه ولا احب وجودي فيه.
الا منافسة واحدة كلما وصل أحدهم إلى منتهاها استوعبته بجوائزها ورحبت بقدوم غيره، ذلك أن جوائزها غير منتهاه.
هو السعي الوحيد الذي اشعر فيه بطمأنينة انك لا تنافس أحدا ينتقص منك. تنافس نفسك على الوصول من عدمه. الاهم أن خط النهاية موجود، تقيس تقدمك على خط النهاية.
في السعي إلى الله لا يوجد من ينافسك على الوصول قبلك طمعا في اقصاءك، ولكن الجميع يسعى والجميع يحاول الوصول والجميع يتمنى أن يصل الجميع. بل مقومات وتبعات المنافسة الدنيوية المعهودة مرفوضة في هذا السياق، فلا إقصاء ولا كسر أو انكسار، ولا ضيق ولا حزن ولا كدر ولا فقد ولا افتقاد. ومتى التبست علي المشاعر أدركت موقعي من حيث الحيد عن هذه الصحبة. فان نظرت بعجبة الى ما ضحيت به على طريق الوصول فقد نبت في اخلاصك ما نبت. وهكذا.
ومن ذلك، فالمسارعة في الوصول إلى الله ليس بها بغض المتسارعين لبعضهم أو اقصاءهم لبعض، هي طريق واضحة لجائزة لا تفنى عرضها السماوات والأرض وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. وهذا والله هو منبع الطمأنة على طول السير، انك ستصيب حظك من حيث انتهيت وانه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وان عملت ما في وسعك فزت بأعظم جائزة تناسبه، ومن ذلك فلتطمئن فعلى قدر العزم تأتي العزائم وعلى قدر الايمان يكون الابتلاء وعلى قدر البلاء يكون الجزاء وعلى قدر الوسع يأتي التكليف.
وتكون منافستك مع نفسك في التوسعة، وشد العزم، وتزكية الايمان، وذلك عين الاستعداد، واعلم أن الامداد على قدر الاستعداد.
فيامدد، مدد:)