الجمعة، 13 نوفمبر 2015

امر بإسمك

" امر بإسمك اذ اخلو الى نفسي
كما يمر دمشقي بأندلسِ "

مطلع قد يبدو عابر لإحدى اغنيات مارسيل خليفة وقصيدة (علمت بعد كتابة ما
يلي انها) لمحمود درويش  ولأنه بيت شعر ليس كما يبدو فمن الممكن كما
المعتاد ان  نؤول الكلام ونقول به مالم يقله صاحبه...
البيت غير منفصل عن البعد التاريخي لسوريا ودمشق ,بالتحديد العصر الأموي,
فبعد سقوط الدولة الأموية نجح عبد الرحمن بن معاوية في الافلات من مذابح
العباسيين للبيت الأموي و بعدها نجح "وحيدا" في دخول الأندلس وقدر يبني
فيها مجد يعيد بيه المجد الاموي وكأنما بعث الامويين من موات و اتعرف
بإسم الداخل, او صقر قريش.
و قدر يخلق جو دمشقي داخل الأندلس فيكاد يكون لا يشعر بالغربة من التواجد
في الأندلس من حيث طيب الهواء و الانماط المعمارية وتخطيطات المدن و
اسماء بعضها! بل وكذلك اشجار البرتقال وغيرها من زراعات الموالح الشامية
اللي ازدهرت في عصره في حدائق الانداس بل وفي داخل مساجدها!
يمكن لو كان عبد الرحمن فضل في دمشق و لم يُبعد عنها ما كانش هيعمل اي
حاجة من ده, ودي حقيقة, فإن كان القرب ملهم فالبعد أكثر إلهامًا..
فأصبحت دمشق موجوده وحاضره في ذهنه وذكرياته و قبس منها امام ناظريه ,
فكانت كما الحبيبة التي ان غاب عنها فهي معه بذكراها وملامحها كقول
الحلاج :
 " ان كان ليس معي فالذكر منه معي
يراه قلبي وان غاب عن بصري
العين تبصر من تهوى وتفقده
 وناظر القلب لا يخلو من النظر " مثلا.
فخلينا نفهم رمزية ان يقول شاعرنا لحبيبته ان مرور اسمها امامه كما مرور
دمشق امام ناظري احد الدمشقيين في الاندلس وليس في دمشق!
.
لك ان تتخيل الدمشقي الأموي المهزوم الذي تقطعت به السبل وقُطع نسل اهله
الا منه وأُجبر على ترك الحبيبة و الرفقة وكذا المدينة , تخيل ذلك
الدمشقي تمر امامه دمشق بحدائقها و طيب هوائها وعمارتها ولكن في الغربة
وهو "وحيدًا" وسط الجميع في الاندلس من عرب و بربر و مستعربين ويهود ,
وحيد كمن "يخلو الى نفسه". تصور -على الاقل- شعوره بالوطن في تلك اللحظات
التي فيها " يمر الدمشقي بأندلسِ " ... وتصور ان هذا الشعور بالوطن هو
نفس شعور شاعرنا اذ يرى اسم محبوبته امامه!
-
-
لنتحرك الى قول شاعر اخر " امر على الابواب بغير حاجة لعلي اراكم او ارى
من يراكم" و اتصور نفس شعوري و انا احادث صديقي الفلسطيني الذي ادقق
النظر في عيونه, ملامحه, لهجتهاو تذكار اهدانيه لعلي التقط انعكاس صورته
كما التقطوا صورة المسيح - وهو ابن نفس البلد - وقد رسمتها دماءه على
كفنه, هي نفس مشاعري حين دار حديثي مع الحلبي حول زيارته لدمشق :
- انت زرت دمشق وشفت الجامع الاموي؟
- ايوة
- يا بختك.
.
تلك ال " يا بختك" هي التي يُختصر فيها مشاعر من اغترب- قسرا او طوعًا-
عن رؤيا المحبوب,  كان محبوبه انسان او مكان او حتى اسم...

في البيت القاء الضوء على امر مهم من مظاهر المحبة وصفات المحبوب وهو "
الإسم" ولعل ذلك هو باعث
 تسمية بعض الاماكن في الاندلس بأسماء اماكن اموية في الشام ليكون لها من
قدر المحبة قدر حب الوطن و الشوق له ولكل ما تُرِك قسرا او طوعًا...  زي
ان " الداخل" يبني مدينة ملكية يسميها "الرصافة" بنفس اسم و اغلب تخطيطات
مدينة بناها في الشام جده هشام. مثلا.. يمكن هو ده الذِكر اللي قصده
الحلاج , فيكفي على الامير الدمشقي ان يسمع اسم " الرصافة" ليتذكر
الأماكن -كلها- ويردد التاريخ - كله- ويذكر الأحبة, كلهم..
--
--
أمر بإسمك اذ اخلو الى نفسي كما يمر دمشقي بأندلسي لعلي اراكم او ارى من
يراكم , أو على الاقل؛ فالذكر منكم معي..

-
قد يرى البعض ما سبق تؤيل غير ذي قيمة لقول لم يلق له قائله بالا , فيمكننا القول..
"رماني الهوى لما تملك مهجتي فيالته لما دعاني دعاكُم "

-------
امر بإسمك - مارسيل خليفة

http://soundcloud.com/eddeeb/1gzngznwtgmc

العين تبصر من تهوى - عيسى بولص وباسل زياد
http://soundcloud.com/aa-hafiz/the-eye-recognizes

امر على الابواب (متى يا كِرام الحي) -  بدرية سعادة تسجيل قديم

http://soundcloud.com/a-kamal/1907-1

امر على الابواب - الأخوين أحمد ويوسف المزرزع
http://soundcloud.com/abederrahmaneaccil/bveicrk44i1g

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق