لمّا تأملت المدينة الجامعية ونمط الحياة فيها وإدارتها, أدركت بمنتهى البساطة أنها مشروع
-مقصود أو غير - عزل 7 آلاف مواطن من فئة الطلاب, عزلهم عن العالم وتنميطهم وحصر اهتماماتهم فقط فى الجامعة لا أكثر .
-مقصود أو غير - عزل 7 آلاف مواطن من فئة الطلاب, عزلهم عن العالم وتنميطهم وحصر اهتماماتهم فقط فى الجامعة لا أكثر .
ورغم ما شهدته المدينة من حراك على مدار العامين الماضيين, فلا يمكننا أن نربط ذلك بما يدور من حراك خارج أسوارها, فرغيف الخبز المطالب بتحسينه هنا هو ذلك الرغيف الذى تنتهى أهميته خاج باب سور المدينة, وكذا الخدمة الطبية المُراد تحسينها لا يقصد بها مستشفى كذا وكذا فى صعيد أو غرب أو شرق البلاد, إنما محصورة المطالب فى تطوير الرعاية الصحية داخل المدينة فقط! بل اليوم اكتشفت أن المطالب كانت لتحسين الرعاية الصحية لطلاب المدينة فقط !! فشهدت بكٌلى على "حشر " أحد العمال فى سيارة نقل تابعة للمقاول الذى يعمل معه , ولم أشهد حضور سيارة الإسعاف (بغض النظر عن عدم حضورها أيضًا الأسبوع الماضى وأنا أصارع الموت )، ولكن لم يخطر ببال أحدهم أن تلك السيارة لخدمة المواطن, بل حتى لم يخطر ببالهم أنها على أقل تقدير لخدمة سجناء ذلك السور من عمال أو طلبة أو موظفين !
بل وزاد الانعزال انعزال تعليمات الطبيب (أبو حمالات , أى والله استقبلنا بالفانلة الداخلية ) أن يتوجه سائق السياورة النقل لمستشفى بولاق, لا لمستشفى الطلبة !
أزمة الكهرباء, تصريحات المسئولين, كارثة فى بقعة ما من العالم, هى أمور لا يعرفها من سكان المدينة سوى أولئك المتصلين بالعالم الآخر أما عبر الانترنت (الغير متوافر إلا على حساب الطلبة, أو التذلل والتحايل فى نادى التكنولوجيا ) , أو من خلال أنشطتهم الخارجية .
فتلك المأساة التى تعيشها البلاد من انقطاع متواصل للكهرباء, لا نعرفها هنا إلا للمرح فقط , وفى أقصاه يكون تذمر لدقائق, نعم للمرح, فاعتاد موظف الكهرباء أن يداعبنا ويفصلها فى الدقائق الأولى من كل عام ( الساعة اتناشر فى ليلة رأس السنة ), غير ذلك لا أشعر أو زملاء السكن بمعاناة زميلنا فى الوراق الذى بدأ فى تنظيم جدول لساعات قطع الكهرباء لمعالجة أزمة المذاكرة الملاحقة لها بالضرورة .
حتى وإن اعتبرنا ثورة سكان المدينة هنا انطلاقا مما تكشف فى مدينة رعاية الطالبات من فساد , فلا يمكن أن يعتبر حالة عامة , بلا لا يرقى لكونه حالة خاصة !
ذلك أن الأمر لم يعدو عن كونه نشاط للناشطين ومعرفة للعارفين وإمعان فى كسر العزلة لمن وفقوا بالفعل فى كسرها .
أزمة المواصلات التى لا يمكن إلّا يتذمر أحد قاطنى القاهرة منها , لا نراها إلا فى قطارات "الشحن" إلى بلادنا الأولى , معاناة أحد زملائى فى الترحال من مصر الجديدة إلى الجيزة لم أشعر بها ولم تخرج من طى سخريتى إلى هذه الكلمات إلا عندما "اتسوحت" فى المواصلات ساعتين وربع للوصول إلى مكان , بالمصادفة يعتبر قريب نوعًا من بيت صديقى, يومها فقط تخليت عن نظرتى للمجتمعات الجديدة والمناطق الراقية بأنها مجتمع آخر داخل مجتمعنا, فأنا أيضًا كأحد قاطنى السكن الطلابى أنتمى لمجتمع غير الذى تنتمون,لا أمتدح نظامها أبدًا , ولكن أنا فعلا أعيش فى مجتمع لا يعانى من مشكلاتكم فى الأسواق مع ارتفاع أسعار السلع , لا يشاركك معاناة المواصلات فهى فقط "فركة كعب" وأصل المدرج , لا أشارككم الظُلمة , فهى فقط أوقاتى للمرح والتهليل , لا أشارككم السخرية والكوميكس حول ما يدور فى البلاد ! , فقط أشارككم مباراة الأهلى وتتويج تشيلسى بدورى الأبطال !
اكسروا الأسوار واعبروا داخل وخارج عقول ومستقر ساكنى مدينة الطلبة, اقتحموا أسوار العزلة خارجين متنفسين يا زملاء سُكناى, وكاسرين عزلة زملاءكم يا زملاء جامعتى .
يا سٌكان المدينة..اجزعوا !
* ملحوظة : وحدك -إن كنت خارج المدينة- ستلاحظ تشابه بين الجملة الأخيرة وإحدى مقولات لينين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق