الاثنين، 4 يناير 2016

عن عمرو دياب الذي لا يكبر

عندنا في الآثار مهمتنا الفعلية هي حماية التحفة من انها تتكسر او تتشوه مع الحفاظ على اهم ميزة فيها اللي هي كونها قديمة, يعني لو حبينا نجدده فهو كدة بقى زيه زي اي حاجة جديدة ومعادش له قيمة لإنه فقد اهم ميزة : فعل الزمن فيه.
يعني تخيل مثلا لو دخلنا الجامع الازهر او مدرسة السلطان حسن , وقومنا مقشرين الدهان الاثري و الزخارف و لونناه بدهانات بلاستيك والوان جير و اكسيد و رسمنا علي الحيطة من جوة خط كدة اسماء الله الحسنى زي الجامع اللي على اول شارعكم المبني من خمس سنين, هيبقى قديم ولا جديد?
.
محمد عبد الوهاب بدأ الغنا بصوت رقيق و ولحن لطيف دفعوا النقاد انهم يسموه "فنان الشباب محمد عبد الوهاب" و ختم حياته بصوت رخيم و لحن صقيل دفع النقاد يسموه "موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب". 
و ده علشان قدر على مدار 70 سنة او اكتر انه يجدد اللحن و يحافظ على نفسه وقدره و كان لما يحب يوصل فنه لجيل جديد كان بيبقى عن طريق مطرب جديد يقدمه ويدعمه لاقصى درجة حتى لو وصل انه يبقي مشهور وسط جيله اكتر من عبد الوهاب نفسه.
ده ليه? 
عشان على مدار مشواره الفني الناس كانت بتروح وتيجي وتظهر وتختفي و تبقى نجوم ملئ السمع و الابصار, وعبد الوهاب على وضعه وهو نفسه عارف مكانته. 
مكانته اللي لخصتها ماما في القول "عبد الوهاب بطل يغني عشان لو كمل كان هيقعدهم في بيتهم" 
الفرق واضح بين اي اغنية غناها حد زي ام كلثوم او عبد الحليم او نجاة وتلاقي عبد الوهاب له تسجيل خاص بيه لو سمعته تلاقيه فنيًا وحرفيًا بيحط على صاحب الاغنية الاصلي.

مشكلتي مع عمرو دياب انه بدأ كفنان لمرحلة عمرية لاحد الاجيال و مصمم يبقى اجباري فنان نفس المرحلة في كل جيل, و ده وصل لنهمه ولهثه ورا المزيكا المعاصرة زيه زي اي حد جاي من برنامج مسابقات امبارح مالوش اي بصمة او تيمة معينة. 
نادرا ما تلاقي حد بيحب عمرو دياب من ال80ات ولسه بيحب اغانيه بتاعت دلوقت. 
اندفاع عمرو دياب الاهوج ده خلاه مصمم على الظهور بفورمة شاب في اللبس و الصوت و الشكل, لدرجة ان الفلاتر و الهندسة بتطلع صوته زي كأنه ما كبرش! بتلغي فعل الزمن فيه. 
علشان كدة فيه اغنية لعمرو دياب غناها لايف في حفلة من غير شغل العك بتاع الهندسة الصوتية اسمها "ياريت سنك يزيد سنتين" 
قد ايه صوت عمرو دياب كان باين عليه فعلا انه حد قدير و تقيل, وصوت متحرر من الفلاتر و متحرر من الميك اب و البرستيج , صوت حد خبير. صوت ميّال + فعل الزمن فيه. مش صوت الشاب اللي ما بيكبرش!
-
الفكرة ان عمرو دياب does not have sequence, مفيش تسلسل زمني و تطور في النغم و المعنى مع الحفاظ على تيمة معينة خاصة بيه, مش زي حد زي عبد الوهاب او ع الاقل زي منير. 
عمرو دياب على مدار الاف السنين بيغني في نفس المنطقة ومؤخرا هندسة الصوت خلته يغني بنفس الصوت كأنه ما كبرش, محاولة لالغاء فعل الزمن, ودي قلة ثقة في امكانياته الحقيقية في سنه ده اللي لما سمح لها تخرج في طقطوقة زي "ياريت سنك" كانت حاجة مبهرة الحقيقة ومعلمة معايا من سبع سنين مثلا و انا ما سمعتهاش غير مرة وقتها في حين ان دوشة البوماته بتاعت سد الخانة ما علقتش معايا.
.
يمكن لسه له الشهرة, بس مالوش طعم.
-
مش تقليل من عمرو دياب بس اللي مخلي منير بالشكل ده و الشعبية دي رغم ان مفيش وراه منتجين ربع اللي اشتغل معاهم عمرو دياب هو انه ع طبيعته بالاضافة لثقته في نفسه و ثقته في ال تيمة بتاعته و ثقته في جمهوره اللي لو صادفنا واحد منهم من السبعينات هنلاقيه لسه بيسمع اغاني منير الجديدة بتاعت دلوقت. 
ببساطة تيمة منير رأسية ممتدة بينما تيمة عمرو افقية ثابتة. 
-
people change 
دي حقيقة و حركة ازلية للكون ما حدش له دخل في حركتها بس كل واحد فينا له تمام القدرة و السيطرة على اتجاهها. 
so, 
اتحكموا في اتجاه تغيركم و ما تحاولوش توقفوا التغيير و فعل الزمن, عشان ما تبقوش زي عمرو دياب كدة. ربنا يعافينا ويعافيكم.
--
الاجابة : هيبقى مسخ.

مقال المقام ومقام المقال

بشكل ظاهري قد يبدو قطعي, لا توجد علاقة بين "من ترك امرا لله ابدله الله خيرا منه" و "مفيش تجلي من غير تخلي" من ناحية , و الكلام التالي من ناحية اخرى.
.
من كام يوم كنت بحكي لحد حاجة في فويس مسج و اثناء ما انا بتكلم حسيت ان ده مش السياق بتاع الموضوع اللي بنتكلم ولا سياق كلامي الزمني و اني لازم اتنازل عن رغبتي في حكي الموضوع ده مع الايمان بإن هايجي وقته وسياقه.
قررت اني انهي الفويس واقلعت عن فكرة اني احكي الكلام ده في الوقت ده. 
النهاردة وبدون ترتيب حكيت نفس الموضوع و انا بقول بدون ترتيب عشان الراحة اللي بتكلم بيها بدون ترتيب اللي بيفرضها سياق مش تفكير وترتيب وتدبير , لما السياق ياخد القيادة و ترتجل في اطاره دي حاجه بتكون مريحة جدا.
و النتيجة ان اللي كنت هقوله قبل كدة بدون سياق و كان هيبقي مجرد حكي لواقعة, اصبح النهاردة جزء مهم من سياق مهم و مش مجرد واقعة ليها بعد واحد وهو السردي, بل انه امر ليه كذا بعد غير بعده السردي.
.
القصد , ان فيه اوقات بيبقى فيها السكوت مهم فعلا مش مجرد تخاذل. و ان زي ما الكلام حلو و بيبقي حلو جدا جدا بس لو استنيت لما يظهر له سياق يتسق معاه هيبقى احلى و اجمل.
( انا اظن ان الحلاوة للشكل بينما الجمال للشكل و المضمون)
.
رأيك حلو و مهم وممكن يكون صح , بس مش وقته ولا مكانه.
.
"تكلمت كثيرا فندمت , اما عن الصمت فلم اندم ابدًا"
بغض النظر عن القطعية اللي ف المقولة دي بس خلينا نقول ان الاهم من الكلام و الصمت انك تختار كويس امتى تتكلم و امتى تسكت.
----
ملحوظة : علي طاليباب بيقول "كلامي دايما ليا قبل ما يتوجه ليك, بفكر في نفسي ونفسي ونفسي قبل حتى ما افكر فيك"

https://www.facebook.com/kastilo/posts/10207217192901729

الأحد، 3 يناير 2016

حكاية عن التجنيد : 1 البرد

امبارح من شدة البرد اللي شفته ف اسكندرية و ادكو نمت و انا متغطي بتلات بطاطين ولابس تلات حاجات فوق بعض ورغم الدفا اللي حسيت بيه الا اني حلمت اني زرت زمايلي بتوع الجيش اللي ما خرجوش معايا عشان جيشهم سنتين مش سنة , و قضيت معاهم اليوم في عز البرد. 
امبارح و انا ف اسكندرية حسيت بالبرد اللي كنت بحس بيه ف الصحرا من تلات شهور! فما بالي بالجو دلوقت عند العيال في النقط المقطوعة اللي كنا فيها?!
.
انا بكرر امتناني للاحلام اللي بتخليني ازور اللي بحبهم. 
.
و انا بخرج من الجيش كنت مرتاح بس ما كنتش فرحان. عشان منظومة التجنيد لسه بتاكل ارواح و احلام وتضحيات اجبارية مقابل لا شيء.
.
انا مش مبسوط اني خرجت من الجيش في وقت اصدقاء عمري دخلوا مكاني و بيتسلب عمرهم قدام عينيهم. انا بعد فترة من ارتياحي بسبب اني انهيت تجنيدي لسه بشوف كوابيس عن العمر اللي بيضيع جوه و عن اللاشيء. ولسه بصحى مقبوض ومخنوق ومتضايق لتكتيفة زمايلي وصحابي في منظومة مش بتديك الحد الادنى من المقابل لأي تضحية صغيرة او كبيرة.
.
انا ضد منظومة التجنيد الاجباري في اي مكان في العالم و في اي ظرف.
-
ربنا يعين الرجالة اللي جوة على ضغوط الظروف و الجو ومعارك الروح. وتحمل حراسة اللاشيء خوفًا من شيء يشيئه.
-
ولنا عن التجنيد حكايات.