كتابتك الجيدة هي ما قد كتبته بالفعل. كل أفكارك الجميلة النيرة ليست بمكانة حرف مما كتبت.
انا شخص لا يحب الكتابة ولا يطيقها. بدأ الأمر من رفضي الاقتناع بكلام معلم اللغة الذي اصر أن حسن الخط ليس سببًا يدعو للفخر كما أن سوء خطي ليست له اي علاقة بعدم قدرتي على التعبير. و الحقيقة أن سوء حظي هو ما قادني للإعتماد على سوء حظي كسبب للنفور من الكتابة التي لم أحسب يومًا أن تصل حاجتي اليها كما وصلت اليوم.
سألتها: متى أول مرة تحرش بك أحدهم؟ وكي أشجعها على الاجابة حكيت لها اول موقف تم التحرش بي و مضيت أورد ألفاظ المبالغة في التعجب " تخيلي أن المجتمع بأكمله يتحرش بطالب في المرحلة الثانوية لحسبانهم أحلامه ثانوية"
لم أشأ أن أورد العديد من مواقف تعرضي للتحرش لكنني تمنيت في هذه اللحظة أن اكون محملًا بذكرى تحرش جنسي حتى نكون متساوين في اعترافاتنا، لكنها اغلقت الحديث بالقول " هذا أمر لا تحكيه البنت لأبيها"
فكرة أن كل ما عشته و دار بي و درت به و درته لم ينتهي حتى الآن هي فكرة مفزعة أحاول أن أهدأها لتكون " لم ينتهي بعد"
حتى حصلت على هذه السترات المكوية و المغلفة بأكياس رقيقة تصبغها بمظهر السترات الجديدة، حتى هذا اليوم كنت من مدمني التسويف، أن ليس السيء لم يأت بعد و أن الكتابة لم تحبني بعد و أن نصيحة معلمي لم تثبت بعد و أن الخير، لم يأتِ بعد. الى أن اسرعت بدون تردد لشراء طبق حلوى لها.
اعترف أن ارتفاع الاسعار هو السبب الرئيسي في قراري اذ خشيت أن امر غدٌا برغبتها في تذوق حلوى قد اكون حينها لست قادرًا على ثمنها و أن كانت حلوى ابسط ما يكن.
لا شيء اقل او ابسط من أن يذكر في يوميات. في اليوميات اكتب كل شيء حتى ما تعتقد انه غير مهم، اذ أن اليوميات اصلا ليست مهمة سوى لأنها تحوي حوادثك غير المهمة.
دوما ما امر بفتنة شديدة مزمنة "الكتابة ام الواقع" و على الرغم من عدم معرفتي بالكتابة فقد "اخترت" ان اعيش الواقع دون أن اكتب عنه. ولا اعلم أي اختيار هذا الغير مبني على خيار اخر غير ما اجبرت على اختياره.
ماذا؟ " أجبرت" و " اختياره " في جملة واحدة؟! يبدو انني أحاول أن اجعل يومياتي اهم من أن تحوي تفاصيل حياتي الصغيرة.
تفضيلي الاجباري الواقع حرمني من تسجيل العديد من القصص التي مررت بها بل و منعني من تسجيل ما سمعته من قصص و حصرني في اطار التاريخ الشفوي فصرت أتحدث بسرعة خمس الى ست كلمات في الثانية كي ألحق بآذان المستمع و اسجل على شريط ذاكرته تلك القصة التي سمعتها صغيرًا او تلك التي كنت قد قرأتها لتوي.
وتلك التي حدثت لي و مررت بها لم تكن سوى ترديد لما كتب منذ مئات السنوات و قد قرأته او نبهني احد المستمعين لأنه قرأ امرًا مماثلًا. او ذلك الصديق المهذب الذي همس في أذني: " اعجبني مما مررت به امس في المترو لكن هناك بعض تفاصيل فاتتك" و عندما اصريت على اخفات ابتسامته المهذبة السخيفة قال " في الرواية كان الكاتب أجرأ منك فقد تحدث عن بذل احدى الغواني الفقيرات نفسها لأحد الفقراء لأنه كان اعدم من ام يتزوج او يؤجر بغي. لكن صياغتك كانت ركيكة بإستبدال القصة بطفلة تبيع المناديل في المترو و تعطي نقود لاحدى الامهات اللاتي يتسولن في المترو" و أضاف " محاولة محافظة تناسب كونك محافظًا ابله"
بالطبع هذه فرصة جيدة جدا لأن اذكر في يومياتي ما هو اهم من صديقي السخيف كمثلًا أن أورد قائمة قراءاتي في ادب الفقراء في امريكا اللاتينية او مثلا كتابات الازمة الاقتصادية الأمريكية التي وردت فيها تلك القصة عن بذل الفقراء لأنفسهم لصالح الفقراء الآخرين. ولكنها فرصة لأقول لصديقي أني كنت اعلم أن تفاصيل القصة ليست بالمحتوى الجنسي الذي حكاه لي من وحي آماله بأن منظمة الصالون قد تغدق عليه بنفسها كهدية من ضمن هدايا الصالونات الثقافية حينئذ. هي فرصة أيضًا لأن أورد تصوري الشخصي أن الادب ماهو الا وسيلة لحفظ احداث البشر و تصوراتهم عن العالم من اجل تسجيلها لا اكثر بغض النظر عن الاستفادة اللاحقة من هذا التسجيل. و هي فرصة كذلك لأن اقول بأن كل هذه القصص على ارفف المكتبات قد حدثت بالفعل و ستتكرر سواء قرأتها ام لم تقرأها. اذ ان بائعة المناديل لم يسبق لها أن قرأت " اذا اردت المساعدة فإلجأ للفقراء فهم اقدر الناس على تقديم المساعدة"
الانتظار دائما ما يكون فرصة جيدة و احيانا يكون فرصة للندم كي يتوالى على الأنفس المدمنة للتسويف، أمثالي.
استغرقني الأمر عمرًا كي ابدأ بالكتابة، اغرقني الندم على ما فات من دون تدوين ولا يبدو اني سأتخلص من الندم بل يبدو أنه موضوع مشوق للكتابة.
يبدو أن كتابتي هذه ستكون محلًا لينسب لي قارئها خطأ بعض المقولات التي اقتبستها ولم أورد ذكر اصحابها.
كما يبدو أيضًا أن تفضيلي للواقع على حساب الكتابة افضى بي الى رجل خريفي خرف يحدق بالناس في المواصلات ولا يدرك أن الناس يحدقون به لأنه يرتدي سترة فريقه المفضل. كل يوم ينظر إليها على انها ما زالت سترة فريق المجد. ينظر اليها بتطلع. لم تتغير العلاقة بينهما لكن باقي مدخلات معادلة الحياة تغيرت؛ السترة اصبحت بالية، النادي غير التصميم مرارا وتكرارا حتى انه يفكر في اعادة التصميم القديم بمناسبة مرور خمس وعشرون عاما على البطولة، العقل الذي كان مستغرقًا في الواقع صار تواقًا للخيال. كل شيء تقريبا تغير ما عدا تلك النظرة المتطلعة نحو سترتي كلما هممت بتناولها. وهذا هو السبب في شعوري أن اي منا لم يبلى.
العلاقات بالاشياء تتسم بطول يد الانسان عليها وبطشه بها. يمكنه أن يصبغها بالاستقرار اللازم لشعوره بالراحة، أن يضيف لها احداث و ذكريات ، بل أن يجعلها تتحدث بما يشاء. وتلك فتنة كبرى قد وقعت فيها حين مضيت في حياتي استغني عن شغف محبة البشر بشغف حبي للأشياء التي أشكل علاقاتي بها كما أشاء.
اضاع مني هجري للكتابة فرصا كثيرة للاستثمار. فالكتاب و القراء و الناشرون يعشقون الكتابة عن المعاناة و الفقر و الفقر و المعاناة. يحبها القارئ فيعشقها الناشر و يستغني بها الكاتب عن عوز الفقر والمعاناة. على مدار عشرين عاما من الفقر كان بين يدي كنز لم أفطن له. كنز انتشل الكثيرين من الفقر، كنز كان ليجنبها تحرش احدهم و يمكنني من غلب تحرش المجتمع بأحلامي.
هل كان اختياري لأن ازور المكوجي اليوم هو السبب وراء كل هذا الفيض من الاعتراف و النحيب على حياتي؟ كان بإمكاني أن اقول فقط: "بعدين" حين تذكرت أنه كان علي استعادة السترات منذ اسبوع.
الذاكرة غريبة جدا. و كذا الحياة أغرب. لو لم اكن فكرت أن اذهب الى المكوجي كي يعيد بعض من هيبة ستراتي البالية ويغلفها من جديد لما تذكرت و من ثم قررت أن "لا بعدين بعد اليوم" و أن اذهب اليه فورًا لاستعادتهم. و لم اكن كذلك لأقرر بمنتهى الحسم أن اتوقف عن التسويف و ابدأ بالكتابة التي ذكرتني بالسترة الرياضية البالية التي ستصبح موضة هذا الشتاء بعد أن قرر النادي اعادتها الى الاسواق من جديد. لكانت فكرة شديدة الحكمة أن اجدد تلك السترة بدلا من السترات الأخرى. كانت الفكرة كفيلة بأن تُعجل بطبق الحلوى بل و أن توفر اللازم لأن يكون طبقان. ياه! طبقي حلوى في اسبوعين متتاليتين. كم كان سيعجبها ذلك!
الجمعة، 16 ديسمبر 2016
يوميات الخريف المؤجلة
الأربعاء، 16 نوفمبر 2016
الموسيقى
هل هناك علاقة بين الموسيقى و الألوان؟
لا اعرف ولكني اذكر اول مرة عمدت فيها للإستماع الى مقطوعة موسيقية.
هذه المقدمة يشار اليها دومًا بوصفها احد "كليشيهات" الحكي ، التي سيبدأ بعدها القول : رغم انه يوم بعيد الا اني اذكر كل تفاصيله كأنه اليوم. الا أن هذا غير حقيقي.
اذكر تفاصيل كثيرة من اول مرة استمع فيها عمدًا الى معزوفة موسيقية لأنها ببساطة كانت عندما تجاوزت العشرين. اذكر اسم الموسيقي الذي عزفها و اذكر اسم من رشحها لي لكني لا اذكر اسمها.
- كانت رائعة
- ما اسمها؟
- لا اذكر..
- اذا كانت رائعة حقًا فلم تكن لتنسى اسمها
- بل كانت رائعة لدرجة اني لازلت اذكر ماهو اهم من اسمها، وقعها في نفسي..
.
نحن فنانين في النظر الى الامور من اضيق مناظيرها. ومن ذلك فأنني اشكر الله اني تحررت من النظر الى الموسيقى بإختصارها في المعازف التي ما هي الى شكل من اشكال الانتاج الموسيقي البشري.
في فيلم Youth يجلس الموسيقار السبعيني في مرعى للحيوانات فيبدع معهم مقطوعة موسيقية من اصواتهم و اصوات خرفشة ورقة بلاستيكية في يده.
.
ادركت فجأة ان المقطوعة الموسيقية الغنائية التي اسمعها منذ سنوات و اسمعها الان، هي موسيقى لم يدخل فيها معزوفات!
.
كان لي استاذ جامعي ذو موقف عدائي جدًا تجاه محاولات قارئي القرآن تغيير نبراتهم بهدف الوصول الى نغمات يتلون بها القرآن بوصفه خروج عن طبيعتهم وقدراتهم العادية.
و الحقيقة ان قدرات البشر على تحوير نغمات اصواتهم لإنتاج موسيقى في الاداء لهي امتداد طبيعي - او ربما كانت الاساس- لقدرات البشر على تحوير الكلمات و الالفاظ و انتقائها وتركيبها في اشكال عديدة من الشعر و النثر.
.
ان النفوس التي تبحث بكل جد في " تحريم الموسيقى" بوصفه مبحث يؤدي الى مساعدة الانسان هي نفوس تسعى سعيًا حثيثًا لتبرير فسادها.
ان اول الموسيقى أن تحسن اختيار اللفظ في التعبير عما ترغب.
.
.
تفضيل استخدام السماعات الموصولة بين مصدر الموسيقى و المتلقي ان كان مجرد حل لظروف كثيرة من الازعاج الا انه يمنع الكثير من الجمال المتجلي في الاستماع الى الموسيقى بإستخدام مكبرات الصوت.
ان تجربة الاتحاد مع تفاصيل الحالة الموسيقية التي تمنحها تجربة ال"سبيكرز" لهي أكثر ثراءًا من الحالة الفردانية في استخدام ال" هاند فري" مهما اعتقدنا خطأ بأننا ملمين بأكبر قدر من تفاصيل الموسيقى عن طريق اقحامها مباشرةً داخل آذاننا. ذلك أن الموسيقى كأحد العناصر المكونة للطبيعة الحرة لا يتسق معها الاستئثار بأحد المنتجات الموسيقية التي تحاكيها سواء كانت معزوفة او أداء بشري.
لم نسمع يومًا عن نهر هدر وحيدًا او عصفور استأثر بتغريده او ريح بخلت بخشختها.
.
ان ما يحدث حولنا من ضوضاء تدفعنا للهرع نحو ال"هاند فري" لهو امر يحزن أي صانع موسيقى؛ ان تكون موسيقاه حكرًا على آذان شخص واحد فقط. من ثم فهو امر محزن جدا للطبيعة موسيقارنا الأول.
.
اللهم ارزقنا ظروف و اماكن نستمتع فيها بالاستمتاع بموسيقى البشر و الطبيعة بكل حرية يشاركنا في الاستمتاع بها جميع من حضر من حجر او بشر.
"
اللهم إنّا نعوذ بك من ضيق العبارة و عبادة اللفظ
اللهم حررنا من قيود التعبير و ألهمنا طلاقة اللسان
اللهم امدد لنا جنان من الكلمات وحظائر من التعبيرات نرعاها ننميها تزداد انتاجًا و تزيدنا حرية
"
الجيزة
١٦ نوفمبر ٢٠١٦
السبت، 25 يونيو 2016
الى اولياء الله الصادقين
و انا ماشي في التحرير صادفت ست من اللي قاعدين ع الارض يبيعوا مناديل, وعلى عكس كل اللي صادفتهم من الفئة دي, الست ما كانتش بتدعي ربنا, ما كانتش بتقول عاوزة علاج, ما كانتش بتقول اشتري مني كيس منديل.
الست قاعدة وايديها ممدوة للناس وبتقول " و النبي لتصدقني يابني".
انا شفت كتير اوي وقريت كتير وعشت كتير موقف ان يكون نفسك حد يصدقك. النهاردة شفت حد حرفيًّا بيشحت تصديق الناس له.
مشهد مجرد لنبي بيترجى الناس ما يعبدوش تمثال عجوة. عالم بيقولهم قبل ما يقطعوا رقبته "والنبي لتصدقوني, الشمس ما بتلفش حوالين الارض". ناس بتجري في الشوارع تزعق في سكان الكنبة يبطلوا تعريص, البلد بتغرق وهتغرق, والنبي لتصدقونا"
-
احنا ما اعجبناش بمشروع ليلى وهم بيقولوا كلام مش مفهوم في اغنية اسمها "ونعيد". احنا صدقناهم. علشان كدة الاغنية علّقت معانا رغم اننا في الاغلب مش فاهمينها!
احنا حبينا اغنية كئيبة و بائسة واسمها غريب جدا مالوش علاقة بقصتها اسمها "فساتين" وفرحنا فشخ بالاغنية مش علشان كلماتها سعيدة, لاء علشان صدقنا انها هتسيبة "بلا فلوس وبلا بيت" و سمعناه وهو بيقول لأمها "والنبي لتصدقيني"
-
ازمة الابنودي, الراجل اللي صدقناه وسبّحنا بكل كلمة قالها و سبحنا في كل معنى قاله وكل حكاية حكاها. ازمة رفضنا اننا نصدق ان ده طبعه اصلا, و ان عمره ما كان هيصدقنا لو عملنا 100 ثورة, لو رحنا نقوله "والنبي لتصدقنا"
-
ازمة الشاعر اللي قال "خذوا عيني شوفوا بيها", و ازمة المثل الانجليزي "wear my hat " و المثل الامريكي " borrow my shoes"
ازمة المنظور المتعدد لنفس الامر, وكل واحد فينا مصدق انه صح. و كل واحد فينا نفسه الطرف التاني ف المناقشة يصدقه, طب خد عيني شوف بيها هتعرف انك غلط, "والنبي لتصدقني" انت غلط.
-
انا بمشي كتير اوي, بحب المشي جدا. بس ملوش لزمة لو ماكنش فيه حد ف اخر الطريق مصدق.
-
السنة اللي فاتت قعدت 59 من غير شبكة ومن غير اي حد بحبه او بيحبني في صحرا بنت وسخة ملهاش اخر, كنت بعيش اليوم بيومه, منهم حوالي 18 يوم بأقل اكل وشرب ممكن يعيش بيهم بشر, و 7 ايام بناكل مرة واحدة في اليوم. عدس.
اللي خلاني اعدي كل ده هو ان كان فيه ناس بتوصلي علشان بس تقولي انها مصدقاني.
.
المهم يعني اني كنت ولازلت بعتبر اني بعيش "اليوم بيومه" مش بمعنى الاكل و الشرب. لو ع الاكل شبعانة بيه الكلاب.
انا بعتبر كل يوم بيومه مش ياترى يارب هناكل ايه النهاردة. لاء. يا ترى يارب هنلاقي حد يصدقنا النهاردة لما الناس تستغربنا زي كل مرة?
.
انا بتآنس بالناس اللي بتصدقني مهما كانت بعيدة عني. انا بفرح جدا لما الاقي حد مش مستغرب اني كلمته بعد فترة بعيدة جدا, او مصدق ان فعلا اللحظة اللي هو مش فاكرها اصلا لما اتقابلنا مرة وحيدة وعابرة, كانت لحظة توقفت عندها وحبيتها.
-
سلام على الصدّيقين من أقاصي الأرض.
-
انا بتصايق جدا لما بعمل حاجة بتعب شاق فشخ وفي الاخر الناس تستغرب انت ليه عملت كدة انت ازاي تعمل كدة …… الخ
وبحب اوي الناس اللي بتستوعب عادي جدا ومش بتتوقف قدام الحوار. مش بيقولوا لك انهم مصدقين جنانك, بيتصرفوا ع الاساس ده على طول من غير تنبيه او استغراب او تشتيت. بحسهم زي الناس اللي ف وسط الشات تبعت اغاني حلوة فشخ من غير ما توقف الشات ولا تلفت انتبهاك. بحسهم الاشياء الجميلة التي لا تحب الكشف عن نفسها.
كما المحب اذ يدنو من حبيبته في ضوضاء نقاشهما , يُقبلها. ويكملان حديثهما. كما قُبلة اعتراضية.
-
احنا بنحب الناس اللي بتصدق ان فيه حاجة اسمها "ريحة الاماكن"
بنحب الناس اللي بتصدق في صوت الضحكة.
بنحب الناس اللي بتمشي. واللي بتمشي كتير. واللي بتمشي كتير فشخ. واللي مش بيقدروا يمشوا.
بنحب الناس اللي بتطلع وادي دجلة و الصحرا البيضا و دهب وسانت كاترين والاقصر واسكندرية فجأة كدة من غير ترتيب.
بنحب الصدفة و الناس اللي بتصدق ان لكل صدقة قيمة في نفسها.
بنحب الناس اللي بتصدق بوجود الولد الشقي اللي ما غيروش كل اللي كان.
بنحب الناس اللي بتحب الولد الشقي اللي ما غيروش بُعد الاماكن. بنحب الناس اللي بتصدقه.
بنحب الناس اللي بتصدق ان العمر ارقام.
بنحب الناس اللي بتحب الاكل وتصاحبه.
بنحب البيض بالبسطرمة, كنت فين من زمان?
الناس اللي مصدقة ان كلاب الشوارع ما بتأذيش الناس اللي بتحب الكلاب.
بنحب الناس اللي بتمشي في الشوارع بأكياس اكل للحيوانات علشان لو صادفوا حيوان ما يسيبوهوش جعان.
بنحب اكل البيت وعربية الفول. وبنصدق الناس اللي في جيبهم آلاف ومزاجهم جايبهم لعربية الفول. وبنحب الناس اللي بيصرفوا اخر فلوس معاهم على "عشوة متينة" ف مطعم غالي فشخ يهضموها وهم مروحين موتورجل عشان مفلسين.
بنحب الفقرا وبنصدق انهم واقعين تحت رحمة اللي بيشغلوهم في بيع المناديل علشان مش لاقيين ياكلوا.
بنحب الفلسطينيين ومصدقين ان الاسلحة اللي بيضربوها في الافراح ماينفعش تحرر القدس يا عالم معرصة
-
بنحب المجندين وبنقولهم هتعدي :)
-
بنحب الناس اللي بتصدق و الناس اللي بتتصدق و الناس اللي نفسها تتصدق.
بنحب الناس اللي ف هولندا و المانيا و امريكا و ماليزيا وتركيا والسودان و مصدقين اننا هنتجمع معاهم تاني زي ما بنحب الناس اللي في الجيزة و اسكندرية ودمياط الاسماعيلية و المنصورة و حلوان وبنتجمع معاهم وبنشوفهم بعد مكالمة بالصدفة صدقوا اللي بيها ببساطة من تلات كلمات بدون عتاب او او او : تعالى نتقابل? يلا.
-
بنحب الناس اللي مش بيتصدقوا وبنهمس في ودنهم وبنقولهم: انتوا موجودين. وده شيء جميل. واحنا مصدقينكم.
الاثنين، 4 يناير 2016
عن عمرو دياب الذي لا يكبر
يعني تخيل مثلا لو دخلنا الجامع الازهر او مدرسة السلطان حسن , وقومنا مقشرين الدهان الاثري و الزخارف و لونناه بدهانات بلاستيك والوان جير و اكسيد و رسمنا علي الحيطة من جوة خط كدة اسماء الله الحسنى زي الجامع اللي على اول شارعكم المبني من خمس سنين, هيبقى قديم ولا جديد?
.
محمد عبد الوهاب بدأ الغنا بصوت رقيق و ولحن لطيف دفعوا النقاد انهم يسموه "فنان الشباب محمد عبد الوهاب" و ختم حياته بصوت رخيم و لحن صقيل دفع النقاد يسموه "موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب".
و ده علشان قدر على مدار 70 سنة او اكتر انه يجدد اللحن و يحافظ على نفسه وقدره و كان لما يحب يوصل فنه لجيل جديد كان بيبقى عن طريق مطرب جديد يقدمه ويدعمه لاقصى درجة حتى لو وصل انه يبقي مشهور وسط جيله اكتر من عبد الوهاب نفسه.
ده ليه?
عشان على مدار مشواره الفني الناس كانت بتروح وتيجي وتظهر وتختفي و تبقى نجوم ملئ السمع و الابصار, وعبد الوهاب على وضعه وهو نفسه عارف مكانته.
مكانته اللي لخصتها ماما في القول "عبد الوهاب بطل يغني عشان لو كمل كان هيقعدهم في بيتهم"
الفرق واضح بين اي اغنية غناها حد زي ام كلثوم او عبد الحليم او نجاة وتلاقي عبد الوهاب له تسجيل خاص بيه لو سمعته تلاقيه فنيًا وحرفيًا بيحط على صاحب الاغنية الاصلي.
-
مشكلتي مع عمرو دياب انه بدأ كفنان لمرحلة عمرية لاحد الاجيال و مصمم يبقى اجباري فنان نفس المرحلة في كل جيل, و ده وصل لنهمه ولهثه ورا المزيكا المعاصرة زيه زي اي حد جاي من برنامج مسابقات امبارح مالوش اي بصمة او تيمة معينة.
نادرا ما تلاقي حد بيحب عمرو دياب من ال80ات ولسه بيحب اغانيه بتاعت دلوقت.
اندفاع عمرو دياب الاهوج ده خلاه مصمم على الظهور بفورمة شاب في اللبس و الصوت و الشكل, لدرجة ان الفلاتر و الهندسة بتطلع صوته زي كأنه ما كبرش! بتلغي فعل الزمن فيه.
علشان كدة فيه اغنية لعمرو دياب غناها لايف في حفلة من غير شغل العك بتاع الهندسة الصوتية اسمها "ياريت سنك يزيد سنتين"
قد ايه صوت عمرو دياب كان باين عليه فعلا انه حد قدير و تقيل, وصوت متحرر من الفلاتر و متحرر من الميك اب و البرستيج , صوت حد خبير. صوت ميّال + فعل الزمن فيه. مش صوت الشاب اللي ما بيكبرش!
-
الفكرة ان عمرو دياب does not have sequence, مفيش تسلسل زمني و تطور في النغم و المعنى مع الحفاظ على تيمة معينة خاصة بيه, مش زي حد زي عبد الوهاب او ع الاقل زي منير.
عمرو دياب على مدار الاف السنين بيغني في نفس المنطقة ومؤخرا هندسة الصوت خلته يغني بنفس الصوت كأنه ما كبرش, محاولة لالغاء فعل الزمن, ودي قلة ثقة في امكانياته الحقيقية في سنه ده اللي لما سمح لها تخرج في طقطوقة زي "ياريت سنك" كانت حاجة مبهرة الحقيقة ومعلمة معايا من سبع سنين مثلا و انا ما سمعتهاش غير مرة وقتها في حين ان دوشة البوماته بتاعت سد الخانة ما علقتش معايا.
.
يمكن لسه له الشهرة, بس مالوش طعم.
-
مش تقليل من عمرو دياب بس اللي مخلي منير بالشكل ده و الشعبية دي رغم ان مفيش وراه منتجين ربع اللي اشتغل معاهم عمرو دياب هو انه ع طبيعته بالاضافة لثقته في نفسه و ثقته في ال تيمة بتاعته و ثقته في جمهوره اللي لو صادفنا واحد منهم من السبعينات هنلاقيه لسه بيسمع اغاني منير الجديدة بتاعت دلوقت.
ببساطة تيمة منير رأسية ممتدة بينما تيمة عمرو افقية ثابتة.
-
people change
دي حقيقة و حركة ازلية للكون ما حدش له دخل في حركتها بس كل واحد فينا له تمام القدرة و السيطرة على اتجاهها.
so,
اتحكموا في اتجاه تغيركم و ما تحاولوش توقفوا التغيير و فعل الزمن, عشان ما تبقوش زي عمرو دياب كدة. ربنا يعافينا ويعافيكم.
--
الاجابة : هيبقى مسخ.
مقال المقام ومقام المقال
من كام يوم كنت بحكي لحد حاجة في فويس مسج و اثناء ما انا بتكلم حسيت ان ده مش السياق بتاع الموضوع اللي بنتكلم ولا سياق كلامي الزمني و اني لازم اتنازل عن رغبتي في حكي الموضوع ده مع الايمان بإن هايجي وقته وسياقه.
قررت اني انهي الفويس واقلعت عن فكرة اني احكي الكلام ده في الوقت ده.
النهاردة وبدون ترتيب حكيت نفس الموضوع و انا بقول بدون ترتيب عشان الراحة اللي بتكلم بيها بدون ترتيب اللي بيفرضها سياق مش تفكير وترتيب وتدبير , لما السياق ياخد القيادة و ترتجل في اطاره دي حاجه بتكون مريحة جدا.
و النتيجة ان اللي كنت هقوله قبل كدة بدون سياق و كان هيبقي مجرد حكي لواقعة, اصبح النهاردة جزء مهم من سياق مهم و مش مجرد واقعة ليها بعد واحد وهو السردي, بل انه امر ليه كذا بعد غير بعده السردي.
.
القصد , ان فيه اوقات بيبقى فيها السكوت مهم فعلا مش مجرد تخاذل. و ان زي ما الكلام حلو و بيبقي حلو جدا جدا بس لو استنيت لما يظهر له سياق يتسق معاه هيبقى احلى و اجمل.
.
رأيك حلو و مهم وممكن يكون صح , بس مش وقته ولا مكانه.
.
"تكلمت كثيرا فندمت , اما عن الصمت فلم اندم ابدًا"
بغض النظر عن القطعية اللي ف المقولة دي بس خلينا نقول ان الاهم من الكلام و الصمت انك تختار كويس امتى تتكلم و امتى تسكت.
----
ملحوظة : علي طاليباب بيقول "كلامي دايما ليا قبل ما يتوجه ليك, بفكر في نفسي ونفسي ونفسي قبل حتى ما افكر فيك"
الأحد، 3 يناير 2016
حكاية عن التجنيد : 1 البرد
امبارح و انا ف اسكندرية حسيت بالبرد اللي كنت بحس بيه ف الصحرا من تلات شهور! فما بالي بالجو دلوقت عند العيال في النقط المقطوعة اللي كنا فيها?!
.
انا بكرر امتناني للاحلام اللي بتخليني ازور اللي بحبهم.
.
و انا بخرج من الجيش كنت مرتاح بس ما كنتش فرحان. عشان منظومة التجنيد لسه بتاكل ارواح و احلام وتضحيات اجبارية مقابل لا شيء.
.
انا مش مبسوط اني خرجت من الجيش في وقت اصدقاء عمري دخلوا مكاني و بيتسلب عمرهم قدام عينيهم. انا بعد فترة من ارتياحي بسبب اني انهيت تجنيدي لسه بشوف كوابيس عن العمر اللي بيضيع جوه و عن اللاشيء. ولسه بصحى مقبوض ومخنوق ومتضايق لتكتيفة زمايلي وصحابي في منظومة مش بتديك الحد الادنى من المقابل لأي تضحية صغيرة او كبيرة.
.
انا ضد منظومة التجنيد الاجباري في اي مكان في العالم و في اي ظرف.
-
ربنا يعين الرجالة اللي جوة على ضغوط الظروف و الجو ومعارك الروح. وتحمل حراسة اللاشيء خوفًا من شيء يشيئه.
-
ولنا عن التجنيد حكايات.