في يوم ١٤ يونيو صحيت و انا بقول " اللهم ارزقنا العلم لنعلم به لا لنضعف له". فضلت يومها احاول افتكر كنت بحلم بإيه وما افتكرتش غير اني حلمت اني بدعي ربنا الدعاء ده. " اللهم ارزقنا العلم لنعلم به لا لنضعف له".
الانبهار حلو مفيش كلام و التعلم حلو برضو مفيش كلام. بس اللي مش حلو هو الانسياق ورا العلم و اعتبار كل اللي بحاول اتعلمه صح وقطعي وهو ده اللي لازم افضل وراه. بالذات في الفكر.
فيه فترة من حياتك بتحس ان ماعندكش اساس معرفي ولا تصور فكري لكتير من مكونات الدنيا و الكون من حواليك, الفترة دي بتبدأ تقبل فيها على قراءات متلخبطة ممكن يكون ملهاش علاقة ببعض. اغلب الناس بيدخل مرحلة القراية وهو عاوز يعرف كذا و يبقى كذا وده معناه بإختصار انه مهما قرا مش هينجذب غير لنوع معين من القراءات هيوصله للتصور اللي عنده اصلا مش هيوصله لتصور جديد. وهنا يجي دور "الضعف للعلم " مش "الاستقواء بالعلم".
ويمكن اختصار الضعف بالعلم في متلازمة الانجذاب لمذهب واحد - وغالبا قارئ واحد- و الدروشة ورا الكاتب ده و الغرق في كتبه من كتاب لآخر. لحد ما تبقى انت صوته الله يرحمه بعد ما مات. انت صورته بعد ما اتحلل. انت عبده الضعيف بعد ما ضعف وجار عليه الزمن.
بفتكر اني لحقت نفسي كذا مرة من الدخول في ال Loop ده مع كذا مذهب ومع كذا كاتب , كان اولهم مراد وهبة و ليس اخرهم علي عزت بيجوفيتش مرورا بألبير كامو والمسيري وجمال حمدان و طبعا مالك بن نبي اللي اندفاعي الشديد ناحيته هو اللي لفت نظري لأمر زي ده.
و الحقيقة ان اللي ساعدني على كدة هي معادلة " امتى تسيب الكتاب مهما كان مفيد؟" المعادلة الصعبة اللي معظم الناس بتخاف منها و بتعتبر انك تسيب كتاب من غير ما تكمله دي جريمة كبيرة -زيها زي الخوف من انك تنتقد بقليل من المعرفة+ التأمل ما اعتقده بعض الكتاب الكبار وقراءهم انه حقائق مش مجرد اراء-.
المعادلة دي بدأت مع كسر نرجسية " ايه ده ده الكاتب العظيم فشخ ده بعد عمره كله رأيه زي رأيي اللي لسه ما كملتش عشرين سنة ولا قريت عشر كتب " اللي بتدفعك انك تكمل قراية حاجة شبهك فشخ وتفضل كل صفحة تشكر ف نفسك مع ادركت خلاص ان سياق الكتاب و ال scope بتاعه لو اتحط قدام اي زفت هيكون فكره قريب لفكرك لإن لسبب ما انتوا الاتنين نفس السكوب. ساعتها بيبقى القرار الصعب انك توقف قراية, مش عشان ضميرك هيأنبك و الكتاب اللي ما خلصتوش هيجري وراك يوم القيامة, لاء, عشان قرارك ده معناه مقاومة سيطرة الكتاب وكاتبه على نفسك وفكرك. خلاص رسالته وصلت و اي استمرار معاه غالبا بيكون تضييع وقت.
سؤال امتى تسيب الكتاب ده سؤال ذاتي الاجابة بيعتمد ع ذاتية تجربة كل شخص مع الكتاب, بس ده هو في ذاته سؤال جوهري و حتمي لازم يتسأل مهما اختلفت اجابته من شخص لآخر ومن كتاب لآخر.
فيه كتب ما ينفعش تقول "انا خلصت قراية " عشان الكتب دي بتتقري كذا مرة. وفيه كتب مش لازم توصل لآخرها عشان تقول "انا خلصت قراية" ممكن تسيب الكتاب من المقدمة وممكن برضو تسيبه من الجلدة الاخيرة و تحفظ ال ISBN عشان تجيبه من جود ريدز :D
اعتقد ان اللهم ارزقنا العلم لنعلم به لا لنضعف له ممكن نخليها اللهم ارزقنا كتاب لنتعلم منه لا لنضعف ونعجز عن الاعتراف بعبثية قراءته.
انا ما كانتش متصور ان كتاب مهم وموسوعي زي الاسلام بين الشرق و الغرب مش هيضيف لي حاجات جوهرية في السكوب بتاعي (الثنائية) ورغم كده قررت اني اكمله- على مضض- و بقى من تلت الكتاب مثلا , انا و الكاتب بنغني ونرد على بعض ما فرقناش حاجة عن قعدتي انا وصاحبي ف وسط البلد بنسب المجتمع اللي مش سامعنا ولا حتى تجمعنا الازرق اللطيف هنا . ورغم كدة ومن باب اختلافنا كبشر عن بعض , اقول عنه نفس الرأي بتاع سعيد " كتاب يستحق ان يقرأ و ان تعاد قراءته"
نفس الامر مريت بيه قبل سنتين مع كتب مالك بن نبي اللي كنت بتنقل بينها ومنبهر اوي انه شبهي وبيجيب حلول شبهي لحد ما لاحظت ان بيحصل العكس و ان انا اللي ببقى شبهه ومنقاد وراه و كل حاجة ف تصوراتي فكان لازم اوقف اندفاعي ده و اقطعه بقراءات في تصورات مختلفة. اقولكم حاجة؟ لو بطلت قرايته وما قريتش حاجة برضو هبقى مستفيد.
وده ياخدنا لحاجة تانية هي ترشيح كتاب او ترشيح كاتب. اعتقد ان مش دايما الكتاب اللي قريته و عجبك و يعجب غيرك, بل اصلا مش شرط انه عجبك انك ترشحه لحد. اختار المرشح له زي ما تختار اللي بترشحه.
بس ده ما يمنعش ان فيه كتب منهجية لابد لكل الناس تقراها. "منهجية" = لا تعبر عن رأي و انما تساعد في تقوية منطقك او منهجك في رأيك نفسه ايَ ان كان رأيك ده.
مثال : كتاب الخلافات السياسية بين الصحابة :D
في النهاية مهم اوي الانضباط و عدم الانغماس ورا كاتب معين او نوع معين من القراءات. ده فضلا عن خطورة و اهمية انك تفرق بين قراءة مذهب فكري من باب الاطلاع و قراءته من باب الاقتناع.
بمعنى : انت بتسمع, فتحب تطالع , فتقرا وتطالع, فتحلل وتقتنع.
مش : انت بتسمع فتقتنع.
مش : بتحب فتقتنع.
مش : تطالع فتقتنع.
جو انك تقننع بكتاب فكري من اسمه ده تنساه ماشي؟ :D
مثال : لو كتاب اسمه " دراسات حول اضطهاد الحلمنتيشيين في العصر البرءباوي "
مش معناه انه بالضرورة بيتكلم عن اضطهاد الحلمنتيشيين بس , ومش معناه ان تم اضطهادهم بالفعل ,و مش معناه ان لو حصل لهم اضطهاد يبقي شبه اللي انت قريته عن اضطهادات تانية.
-اومال معناه ايه؟
- هتعرف بعد ما " تخلص قراية" .